الصحة

تحقيق التنمية الاقتصادية بالاستثمار في صحة المواطن

تطوير خدمات الرعاية الصحية..

يتطلب خططًا واستراتيجيات طويلة المدى.

الصحة تأتي أولاٌ

تعتبر الدولة ان تطوير خدمات الرعاية الصحية عنصرًا أساسيًا لتحقيق التنمية الاقتصادية؛ بعبارة أخرى، يُنظر إلى هذه المسألة على أنها استثمار في بناء المجتمعات. ونحن ندرك أن صحة مواطنينا يجب أن تكون دائمًا في صدارة أولوياتنا. بينما يبدأ العالم في إعادة بناء نفسه في أعقاب جائحة كوفيد-19، فإننا نغتنم هذه الفرصة لنعيد تصورنا لمشروعات الرعاية الصحية، وذلك للنهوض بالصحة وتحقيق الازدهار في مجتمعاتنا بوتيرة متسارعة. وقد أظهرت جائحة كوفيد-19 أهمية الصحة ليس فقط للأفراد والمجتمعات، ولكن أيضًا للاقتصاد القومي بأكمله؛ ومن المتعارف عليه أنه عندما يتمتع المواطنون بصحة أفضل، يستطيعون أداء أعمالهم بفاعلية، ومن ثم يزداد عدد السكان العاملين والمؤثرين. ووفقًا لمعهد ماكينزي العالمي ، فإن الأثر الاقتصادي لصحة أفضل يمكنه أن يضيف 12 تريليون دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي العالمي في عام 2040، ويمثل هذا المبلغ زيادة في النمو الاقتصادي بنسبة 8%. كما أفاد البنك الدولي أن 50٪ من الفجوة في النمو الاقتصادي بين الدول النامية والدول المتقدمة ترجع إلى ضعف مستوى الصحة وانخفاض متوسط العمر المتوقع في الدول النامية. وقد أطلقت مصر مؤخرًا حملات ومبادرات غير مسبوقة للحفاظ على صحة المواطنين، من أهمها مبادرة "100 مليون صحة"، من خلال التعاون بين وزارة التعاون الدولي والبنك الدولي، والذي حصل على تكريم من منظمة الصحة العالمية، وهو المشروع الذي أعرب رجل الأعمال الشهير "بيل جيتس" عن تقديره له. وكذلك، فقد أعلنت مصر في أواخر يوليو أنها كانت أول دولة تنجح في القضاء التام على مرض إلتهاب الكبد الوبائي سي.

المواطن محور الاهتمام

تبدأ استراتيجيتنا انطلاقاً من التركيز على الفرد. ومن خلال وضع المواطن محور الاهتمام، نركز على تجاوز مرحلة الاكتفاء بتوفير خدمات الرعاية الصحية إلى مرحلة حماية المواطنين وتعزيز أنماط الحياة الصحية - وذلك بمثابة حجر الأساس لبناء مجتمع صحي. وقد ارتكز تعاملنا مع جائحة كوفيد -19، منذ بدء تفشيها، على ثلاث ركائز رئيسية: الحماية والتوفير والتقدم. أولاً، حماية السكان من انتشار الفيروس؛ ثانيًا، توفير الائتمان بشكل أيسر لمساعدة الأسر على الاستهلاك السلس وتوفير السيولة للشركات للتغلب على هذه المحنة، ولضمان التقدم من خلال تسريع وتيرة الإصلاحات الهيكلية إلى ما بعد جائحة كوفيد-19.

المشروعات الجارية

منذ جائحة كورونا استطاعت وزارة التعاون الدولي، توقيع العديد من اتفاقيات التمويل التنموي والمنح مع شركاء التنمية لتعزيز الاستثمار في رأس المال البشري وتحسين خدمات الرعاية الصحية، من بينها مشروع الاستجابة الطارئة لمكافحة جائحة كورونا مع مجموعة البنك الدولي، ومشروع تحسين النتائج الصحية مع .الولايات المتحدة الأمريكية، ومشروع دعم معالجة الفجوات في الصحة والحقوق الإنجابية في مصر بالتعاون مع كندا.

ومن بين أبرز المشروعات الجاري تنفيذها:-

دعم الاستراتيجية الوطنية للسكان

بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان، قام هذا المشروع بتدريب 1,177 ممرضة على خدمات الصحة الإنجابية وتلقت 670,000 امرأة رسائل توعية حول الصحة الإنجابية. وفي حين أن هذا جزء صغير من العديد من المشروعات تحت مظلة الاستثمار في رأس المال البشري، إلا أن هناك قائمة متنوعة من المشروعات على وجه التحديد في قطاعات التعليم والصحة وتمكين المرأة.

برنامج التأمين الصحي الشامل

يهدف هذا المشروع، بالتعاون مع البنك الدولي والوكالة اليابانية للتعاون الدولي (JICA) والوكالة الفرنسية للتنمية (AFD)، إلى توفير العلاج والتغطية الصحية الشاملة لجميع المصريين؛ وتحسين جودة الخدمات الطبية بأعلى جودة وأقل تكلفة ممكنة. وحتى الآن، دعم المشروع الفحص الطبي لـ 52 مليون مواطن وقدم العلاج لنحو 2.2 مليون، مع تحسين جودة الرعاية في 600 منشأة للرعاية الصحية الأولية و30 مستشفى جامعي.

مشروع كمامة

ومن الأمثلة الناجحة الأخرى مشروع "كمامة" الذي يهدف إلى حماية الفئات الضعيفة، وخاصة النساء منهم، من الفيروس، من خلال مشاركة النساء المصريات في صعيد مصر في إنتاج أقنعة الوجه الطبية لمجتمعاتهن، وذلك في ظل الشراكة بين "البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة" في مصر وبين "مؤسسة النداء"، والتي تُعَد مبادرة مجتمعية لمساعدة النساء المصريات على البقاء في حماية من المرض، ولتمكينهن اقتصاديًا

دعم المجتمع المدني

تم دعم المجتمع المدني لتعزيز حصول المجتمعات على الخدمات الصحية في مصر، ممثلةً في الهلال الأحمر المصري بالشراكة مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ووزارة التضامن الاجتماعي، وشركة أوبر.

وتهدف المبادرة إلى دعم شبكة الهلال الأحمر المصري التي تضم 30 ألف شاب مصري متطوع ومتخصص في الرعاية الصحية لتحقيق توعية مجتمعية وبناء قدرات الهلال الأحمر المصري على مواجهة الأزمات المستقبلية. وكذلك أُعطِيت الأولوية للصحة النفسية أثناء الوباء، حيث قدمت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية المساعدة للهلال الأحمر المصري في تقديم خدمات الدعم النفسي والاجتماعي للعاملين في المجال الصحي لمواصلة جهودهم في خدمة الجمهور.

نهج طويل الأجل لنمط حياة أكثر صحة ومواطن أكثر صحة

ويعد الوصول للتغطية الصحية الشاملة جزء لا يتجزأ من رفع القدرة على الحصول على خدمات الرعاية الصحية الأساسية عالية الجودة، والتي يجري تنفيذها من خلال أحدث قرض للبنك الدولي بقيمة 400 مليون دولار أمريكي لدعم نظام التأمين الصحي الشامل في مصر (UHIS). كما تهدف إلى حماية الفئات الأكثر ضعفاً من ارتفاع تكاليف الخدمات الصحية. إن تعزيز أنماط الحياة الصحية في المجتمعات المحلية يعد حجر الزاوية في استراتيجيتنا التنموية، حيث أننا نؤمن بأن ازدهار هذه المجتمعات يعتمد في المقام الأول على تمتع أفرادها بصحة جيدة وظروف معيشية جيدة. من خلال مشروع "الاستثمار في رأس المال البشري في ريف صعيد مصر"، سيُقدَّم الدعم لعدد 136,000 أسرة فقيرة لتوفير احتياجاتها الغذائية والتعليمية للمساعدة في بناء قدرتها على التعامل مع الآثار الاجتماعية والاقتصادية لأزمة جائحة كوفيد-19. وكذلك من المزمع أن تُنفَّذ أنشطة التوعية في مجال التثقيف الغذائي على نطاق أوسع للوصول إلى ملايين المصريين في جميع أنحاء البلاد. فضلا عن ذلك، سيضمن المشروع إجراء الأمهات الحوامل والمرضعات لفحوصات طبية منتظمة في العيادات الصحية بعد حصولهن على المساعدة الغذائية، الأمر الذي سيساعد على زيادة حصولهن على الخدمات الصحية الأولية العامة.

اعتماد نهج يراعي النوع الاجتماعي

كما أن اعتماد نهج يراعي النوع الاجتماعي في المجال الصحي مهم للغاية، حيث لا تزال نساء كثيرات يفتقرن إلى الحصول على خدمات الصحة الجنسية والإنجابية. وقد خصصت كندا، في سياق "معالجة الفجوات بين الجنسين في الصحة الإنجابية وفي ممارسة الحقوق في مصر"، منحة قدرها 5 ملايين دولار كندي لرفع الوعي بأهمية تنظيم الأسرة في مصر، وزيادة فرص الحصول على خدمات تنظيم الأسرة وجودتها في مصر بالمستوى المطلوب. كما خصصت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية مبلغ 21 مليون دولار أمريكي لبناء قدرات موظفي وزارة الصحة والسكان بشأن توفير الخدمات التطوعية والمعلومات الكافية في سياق تنظيم الأسرة.

تطوير القطاع الصحي

غير أنه لا تزال تواجهنا الكثير من التحديات الملحة، لا سيما في المناطق الريفية والفقيرة حيث تنخفض احتمالية حصول النساء على رعاية ما قبل الولادة انخفاضا مستمرًّا بنسبة 20% مقارنة بالنساء الموسرات. وتبلغ نسبة وفيات الأطفال بين الفئات الأكثر فقرًا 42 حالة وفاة لكل 1000 ولادة، مقارنة بـ 19 حالة وفاة فقط بين العائلات الأعلى دخلًا.

كما أن زيادة عدد السكان تضع ضغوطًا كبيرة على النظام الصحي المصري وعلى اقتصادها، مما يستلزم العمل على تنظيم الأسرة وتوافر خدمات الصحة الإنجابية. ولهذا السبب، فإننا نصيغ تصورًا مبتكرًا وجديدًا للمضي قدمًا. إننا ننظر إلى القطاع الصحي من منظور مختلف يعزز الابتكار ولاتباع نُهُج تعاونية، وكذلك نسعى للاستفادة من تبادل المعرفة بين البلدان من خلال تعزيز التعاون متعدد الأطراف.

الهدف هو القوة الدافعة

تمكنا، من خلال هذه المشروعات، من تحقيق عدة أهداف للتنمية المستدامة:

الهدف الثامن: توفير العمل اللائق (الهدف الفرعي ٨.٣)

ضمان الصحة الجيدة وظروف معيشية جيدة من خلال تعزيز الحصول على خدمات الرعاية الصحية الأساسية الجيدة والأدوية الأساسية الآمنة بتكلفة مناسبة.

الهدف الثالث: الصحة الجيدة والرفاه (الهدف الفرعي ٣.٧)

تكامل الصحة الإنجابية من خلال إتاحة الحصول على خدمات الرعاية الصحية الجنسية والإنجابية، فضلا عن خدمات تنظيم الأسرة.

الهدف الثالث: الصحة الجيدة والرفاه (الهدف الفرعي ٣.٤)

تعزيز الصحة النفسية وتوفير ظروف معيشية جيدة.

الهدف الثالث: الصحة الجيدة والرفاه (الهدف الفرعي ج.٣)

زيادة التمويل الصحي وتدريب القوى العاملة في المجال الصحي لبناء قدراتهم.

الهدف الثامن: توفير العمل اللائق (الهدف الفرعي ٨.٣)

تعزيز السياسات التي تدعم توفير وظائف لائقة.

الهدف الخامس: المساواة بين الجنسين (الهدف الفرعي أ.٥)

تمكين المرأة من الحصول على حقوق متساوية مع الرجال من الموارد الاقتصادية.

الهدف السابع عشر: الشراكة من أجل الأهداف (الهدف الفرعى ١٧.٦)

تعزيز الشراكة العالمية لتحقيق التنمية المستدامة من خلال الشراكات متعددة الأطراف التي تشارك المعرفة والخبرة والتكنولوجيا والموارد المالية.

مزيد من المعلومات عن مشروعات قطاع الصحة