رسالة من الوزيرة

كلمة السيدة الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التعاون الدولي

مع بقاء أقل من عقد على عام ٢٠٣٠ حيث قطع العالم على نفسه عهدًا بتحقيق أهداف التنمية المستدامة التي اتفق عليها في 2015؛ يبرز التعاون متعدد الأطراف باعتباره السبيل الوحيد لتسريع وتيرة التنمية، والبناء على ما أنجزناه، والانطلاق نحو مستقبل أفضل. وتشتد الحاجة إلى هذا التعاون في ظل الأزمات المتتالية والتحديات الجيوسياسية التي تقوض جهود التنمية ويتفاقم تأثيرها على الدول النامية والناشئة.

وقد كانت مصر من أوائل الدول التي وضعت خطة طويلة المدى لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، التي تعمل في إطارها وزارة التعاون الدولي، وفقًا للقرار الجمهوري المؤسس رقم 303 الصادر عام 2004، والذي ينص على تنمية وتدعيم علاقات التعاون الاقتصادي مع الدول والمنظمات الدولية والإقليمية، واقتراح معايير وضوابط الاقتراض الخارجي والحصول على المنح الأجنبية، ومتابعة الجهات المحلية المقترضة فى الاستخدام والسداد وكذا الجهات المستفيدة من المنح، وإدارة علاقات جمهورية مصر العربية مع المنظمات وهيئات ومؤسسات التعاون الاقتصادي والتمويل الدولي والإقليمي وضمان الاستمرار والوكالات المتخصصة للأمم المتحدة في مجال التعاون الاقتصادي، وذلك في إطار السياسة العامة للدولة وبما يكفل تحقيق التنمية الاقتصادية.

ومن أجل دفع الجهود التي تقوم بها الدولة على كافة الأصعدة لتحقيق التنمية في ضوء التحديات المختلفة وعلى رأسها العمل المناخي الذي أصبح الشعار الأكثر بروزًا على الساحة العالمية، فإن وزارة التعاون الدولي، قامت بوضع إطار مؤسسي للتعاون الدولي والتمويل الإنمائي، يقوم على مبادئ الدبلوماسية الاقتصادية، من أجل خلق روابط وثيقة بين الأطراف ذات الصلة من القطاعين الحكومي والخاص والمجتمع المدني وشركاء التنمية، لتعزيز النمو الاقتصادي الشامل والمستدام، وتحفيز التحول إلى الاقتصاد الأخضر، وتعزيز مشاركة القطاع الخاص في التنمية، وتعزيز جهود تمكين المرأة والشباب كقوة كامنة في الاقتصاد المصري من خلال الأفكار المبتكرة وريادة الأعمال.

ويقوم إطار التعاون الدولي والتمويل الإنمائي على ثلاثة مبادئ رئيسية هي، (1) منصة التعاون التنسيقي المشترك، و(2) مطابقة التمويل التنموي مع الأهداف الأممية للتنمية المستدامة، (3) والترويج لقصص مصر التنموية، في ضوء ثلاثة عوامل هي المواطن محور الاهتمام والمشروعات الجارية والهدف هو القوة الدافعة.

من خلال إطار التعاون الدولي والتمويل الإنمائي، تقوم وزارة التعاون الدولي، بصياغة الشراكات الشاملة وابتكار الحلول لدفع جهود التعاون متعدد الأطراف، من أجل توفير التمويلات التنموية الميسرة للقطاعين الحكومي والخاص، وتعزيز الدعم الفني، وتحفيز جهود تبادل الخبرات والتجارب التنموية، فضلًا عن مواكبة التطورات العالمية على مستوى الأدوات التمويلية الجديدة، مثل التمويل المبتكر والتمويل المختلط، بهدف إتاحة بدائل غير تقليدية للتمويل، لسد فجوة تمويل أهداف التنمية المستدامة.

وينطلق ما نقوم به من عمل، من رؤية مصر 2030 وبرنامج عمل الحكومة المصرية مصر 2018-2022، والمبادرة الرئاسية "حياة كريمة"، والمبادرات والاستراتيجيات القطاعية الأخرى، كما أنه يستند إلى نهج تشاركي فعال يشترك فيه كافة الوزارات التنفيذية والهيئات الحكومية، جنبًا إلى جنب مع شركاء التنمية، بهدف إعادة صياغة رؤيتنا للتعاون الدولي، وتصميم شراكات تدفع توجه الدولة نحو الاقتصاد الأخضر والنمو الشامل والمستدام والتحول الرقمي، وذلك من خلال الاستراتيجيات القطرية مع شركاء التنمية التي يتم تحديثها باستمرار لتواكب أولويات الدولة وكذا تتسق مع التغيرات العالمية.

ولتوثيق تجربة جمهورية مصر العربية على مستوى التعاون الدولي، فقد حرصنا على إصدار كتاب "مبادئ الدبلوماسية الاقتصادية لتعزيز التعاون الدولي والتمويل الإنمائي"، من خلال كلية لندن للاقتصاد، بهدف توثيق ما قمنا به من عمل، وإتاحة التجربة المصرية الرائدة في مجال مطابقة التمويلات الإنمائية مع أهداف التنمية المستدامة، كمرجع في المحافل الدولية، وتعزيز مبادئ الشفافية والتواصل والحوكمة التي تقوم عليها تجربتنا.

وحرصًا من الوزارة على تعظيم الفائدة من تلك الجهود، فإنها تعمل على تطبيق مبادئ الشراكة العالمية من أجل التعاون الإنمائي الفعال (GPEDC)، التي تم تدشينها في عام 2011 في نيروبي، من قبل أكثر من 161 دولة و56 منظمة، ويتم من خلالها التقييم الدوري لفعالية التعاون الإنمائي في كل دولة استنادًا إلى 4 مبادئ هي ملكية الدولة، والتركيز على النتائج، والشراكات الشاملة، والشفافية والمسئولية المشتركة.


 وفي الختام، فقد كان التعاون مُتعدد الأطراف محل اختبارات متتالية منذ عام 2020، أثبت خلالها أنه لا مفر لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة وتعزيز العمل المناخي سوى بالعمل المشترك والشراكات الشاملة والتعاون الإنمائي الفعال، ومع اتجاه الدولة المصرية لتحفيز مشاركة القطاع الخاص في التنمية، والانطلاق نحو مرحلة التعافي الاقتصادي، فإن وزارة التعاون الدولي تكثف الشراكات مع شركاء التنمية متعددي الأطراف والثنائيين لتحقيق التأثير الفعال والتحول نحو مستقبل أفضل.