• «المشاط»: الجهود الحالية من مؤسسات التمويل متعددة الأطراف غير كافية للتغلب على التحديات الاقتصادية بالدول النامية
• ضرورة بناء القدرات الوطنية للدول النامية وجذب آليات التمويل المبتكر للتعامل مع الآثار طويلة الأمد للتغير المناخي
شاركت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي في المنتدى السنوي لشبكة “فيميز” (FEMISE) المنعقد هذا العام تحت شعار: “الشراكة الأورومتوسطية كمحفز لتحقيق أهداف التنمية المستدامة: تعزيز سلاسل القيمة، والعمل المناخي، والتحول الرقمي، وتمكين الشباب"، الذي تنظمه الشبكة بالتعاون مع المعهد الأوروبي للبحر الأبيض المتوسط (IEMed)، وبدعم من الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي، واستضافته الجامعة الأمريكية بالقاهرة.
وخلال كلمتها، قالت الدكتورة رانيا المشاط، إن هذا المنتدى ليس مجرد حدث سنوي، بل منصة استثنائية تجمع الخبراء وصناع القرار من مختلف التخصصات لمناقشة القضايا الأكثر إلحاحاً التي تواجه منطقتنا، كما أنه يعد فُرصة فريدة لتبادل الأفكار والرؤى، والتعلم من التجارب المختلفة، واستكشاف السبل المبتكرة لتعزيز التعاون الأورومتوسطي في مواجهة التحديات المشتركة.
وأشارت إلى أن العالم أجمع يواجه تحديات معقدة ومتعددة الأبعاد. منذ تفشي جائحة كوفيد-19، وقد ظهر بوضوح مدى هشاشة العالم الذي نعيش فيه ومدى ترابطه. حيث كشفت الجائحة، بالإضافة إلى الأزمات الجيوسياسية المستمرة، عن نقاط ضعف مشتركة تتطلب استجابات مبتكرة ومتسقة لمعالجة التحديات التنموية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية، لافتة إلى أنه من بين هذه التحديات، تأتي أزمة الديون الخارجية المتزايدة التي تؤرق العديد من البلدان النامية ومتوسطة الدخل، حيث أدى ارتفاع مستويات الديون، جنباً إلى جنب مع ارتفاع أسعار الفائدة، وتراجع العملات المحلية، وضعف النمو الاقتصادي العالمي، إلى تفاقم الضغوط المالية على هذه الدول.
ونوهت بان التقارير الحديثة تُشير إلى ارتفاع كبير في مديونية الدول منخفضة ومتوسطة الدخل وهذا الوضع لا يقتصر تأثيره على الأرقام الاقتصادية فحسب، بل يمتد ليؤثر على حياة الملايين من الأفراد، حيث يحد من قدرة الحكومات على تمويل القطاعات الحيوية مثل الصحة، والتعليم، والبنية التحتية، مما يفاقم الأزمات الاجتماعية والاقتصادية في هذه الدول.
وأضافت أنه في مواجهة هذا الوضع، كثفت المؤسسات متعددة الأطراف، مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، من جهودها لدعم الدول الأكثر تأثراً. فقد ارتفع حجم التمويلات الميسرة التي تقدمها هذه المؤسسات بنسبة 6.8% ليصل إلى 1.3 تريليون دولار في عام 2023. ورغم أهمية هذا الدعم في التخفيف من حدة الأزمات، إلا أن الجهود الحالية لا تزال غير كافية لمعالجة التحديات بشكل جذري. وهناك حاجة ماسة لتعزيز إدارة الديون، وتحسين التعاون الدولي، وتطوير حلول تمويلية مستدامة تضمن تحقيق التنمية دون تحميل الأجيال القادمة أعباء مالية إضافية.
وذكرت أن التغير المناخي يُعد واحداً من أخطر التحديات التي تواجه العالم اليوم، وهو لا يقتصر على كونه قضية بيئية فحسب، بل أصبح أزمة اقتصادية واجتماعية تهدد مستقبل أجيالنا القادمة. ورغم أن الدول النامية تساهم بنسبة ضئيلة للغاية في انبعاثات الغازات الدفيئة، إلا أنها تتحمل العبء الأكبر من تداعيات هذه الأزمة، ومن هنا، تبرز أهمية الاستثمار في البنية التحتية المقاومة لتغير المناخ كمسؤولية مشتركة. لافتة إلى أن بناء القدرات الوطنية والدولية للتعامل مع الآثار طويلة الأمد للتغير المناخي يتطلب استثمارات ضخمة وآليات تمويل مبتكرة. ويجب أن نعمل معاً على تعبئة الموارد المالية، لضمان قدرة الدول النامية على تنفيذ استراتيجيات طموحة لمواجهة هذه التحديات.
وإلى جانب التمويل، أكدت أيضًا، على أهمية نقل وتوطين التكنولوجيا البيئية كعامل حاسم في دعم التعهدات الوطنية لتحقيق التحول الأخضر. هذا يشمل تعزيز الابتكار، وتشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتطوير حلول مستدامة تُسهم في تحقيق الاستدامة البيئية.
وأشارت "المشاط" إلى أنه على الصعيد الوطني، تلعب الحكومات دوراً محورياً في هذا الإطار. فمن خلال تبني سياسات خضراء استراتيجية والاستثمار في البنية التحتية المستدامة، يمكن للحكومات أن تقود الطريق نحو اقتصادات أكثر خضرة وأكثر مقاومة لتغيرات المناخ. وفي هذا السياق، أشارت إلى المبادرة الرائدة التي أطلقتها مصر في يوليو 2022، وهي المنصة الوطنية لبرنامج “نوفّي”، كما اختتمت كلمتها بالتأكيد على أن التحديات التي شهدها العالم خلال السنوات القليلة الماضية تؤكد ضرورة تعزيز التعاون والتنسيق على جميع المستويات المحلية، والوطنية، والدولية. ويجب أن نوحد جهودنا لتحقيق تقدم ملموس نحو أهداف التنمية المستدامة.