استعرض الفصل السادس من التقرير السنوي لوزارة التعاون الدولي لعام 2020، استعدادات المجتمع الدولي للنهوض من الإغلاق الكامل جراء جائحة كورونا إلى إعادة تدشين استراتيجيات البناء، وهي المبادرة التي أطلقها المنتدى الاقتصادي العالمي في مايو الماضي، لمساعدة صانعي القرار على تحديد الأولويات الوطنية، وكيفية التعامل مع الظروف الراهنة، وطبيعة نماذج الأعمال الجديدة، انطلاقًا من الرؤية والخبرة المتوافرة للقادة المشاركين في المنتدى، وتسعى المبادرة لتدشين عقد اجتماعي جديد يقوم على إعلاء البشر وتكريمهم .
نظام اقتصادي واجتماعي جامع الأطراف ذات الصلة وأطلق المنتدى الاقتصادي العالمي وثيقة بعنوان «نظام اقتصادي واجتماعي جامع للأطراف ذات الصلة» والتي تتمحور حور رؤية جديدة تجمع القطاع العام والخاص لدعم التعافي الشامل والمستدام والمرن لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وباعتبارها عضوًا في مجموعة العمل الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التابعة للمنتدى الاقتصادي العالمي، وقّعت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي على الوثيقة، بجانب العديد من قادة المنطقة من القطاعين الحكومي والخاص منهم محمد الجدعان، وزير المالية والاقتصاد والتخطيط السعودي، وعبد الله بن طوق، وزير التجارة الخارجية بدولة الإمارات العربية المتحدة، والدكتور محمد محمود العسعس، وزير المالية الأردني، وبندر حجار، رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، و23 عضوًا من مجتمع الأعمال بالمنطقة . وتقترح مبادئ النظام الاقتصادي والاجتماعي الجامع للأطراف ذات الصلة بمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، أن يراعي مجتمع الأعمال ليس فقط مصالح العملاء والموردين والموظفين والمساهمين، ولكن أيضًا اهتمامات المجتمع الأوسع والبيئة والمجتمع ككل، كما أنها تركز على مسؤولية الشركات فيما يتعلق بالشرائح الأكثر ضعفًا من السكان. سبعة مبادئ للوصول لعالم أكثر استدامة وترتكز الوثيقة على 7 مبادئ هي، صياغة سياسات اقتصادية شاملة وعقد اجتماعي جديد، وتحفيز التكامل الاقتصادي، وإعادة تشكيل نظم التعليم، وتسخير الثورة الصناعية الرابعة، وتعزيز الاستدامة البيئية، والتخفيف من المخاطر الصحية العالمية، والالتزام بالحوكمة الرشيدة والمرنة، وبسبب جائحة كورونا، هذه المبادئ اكتسبت أهمية خاصة، وأصبحت مجموعة العمل الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، جزءًا من مبادرة "Great Reset"، إعادة تدشين استراتيجيات البناء، للوصول لعالم أكثر استدامة ودمجًا. وأكدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، أن وثيقة النظام الاقتصادي والاجتماعي جامع الأطراف ذات الصلة، تستهدف تحقيق الاقتصاد الدائري، الذي يلتزم بالمعايير البيئية، من خلال الإصلاحات المستمرة لتعزيز النمو الشامل. ونظم المنتدى الاقتصاد العالمي، قمة افتراضية حول تأثير التنمية المستدامة، تحت عنوان «إعادة إطلاق الأمكانيات نحو تحقيق التنمية المستدامة»، بمشاركة أكثر من ٤٥٠٠ من قادة الحكومات والشركات والمجتمع المدني من أكثر من ١٤١ دولة، وألقت وزيرة التعاون الدولي، خلال القمة، الضوء على قصة مصر لتعزيز التعاون متعدد الأطراف في مواجهة فيروس كورونا المستجد، وتعزيز التنمية الشاملة . وأكدت وزيرة التعاون الدولي، أن الشراكات العالمية التي تعمل من خلال أطر متعددة الأطراف يمكن أن تحقق نتائج فعالة في سبيل تحقيق التعافي والنمو المستدام، مستشهدة بمثال بالبرنامج المطبق بين وزارتي التعاون الدولي والزراعة وبرنامج الغذاء العالمي في مصر، حيث تم تطوير ٦٠ قرية في الأقصر، لتطبيق نماذج الاقتصاد الدائري، من خلال توحيد طرق الري بين الحيازات الصغيرة، والتحول من استخدام الوقود التقليدي للطاقة الشمسية، وهو المشروع الذي من المستهدف أن يتم تطبيقه في ٥٠٠ قرية أخرى. وفي جلسة أخرى بعنوان "إعادة النظر في المخاطر" خلال القمة، تحدثت وزيرة التعاون الدولي، حول خطة عمل بناء عالم أكثر مرونة واستدامة في أعقاب جائحة كوفيد-١٩، وأكبر المخاطر والفرص القادمة، كما ألقت الضوء على أهمية القدرة على الصمود وبناء نماذج مستدامة، وإعادة صياغة ميثاق المخاطر الاجتماعية لتشارك فيه كافة الأطراف ذات الصلة، ولا تتحمل الحكومات الجزء الأكبر، حتى تتم المشاركة في حماية الفئات الأكثر احتياجًا، قائلة "يجب توسيع مفهوم موجهة المخاطر ليضم الحكومات والشركات ومستشاري المخاطر والأطراف ذات الصلة للعمل معًا من أجل بناء قدرات المجتمع نحو مواجهة المخاطر المحتملة". إعادة تشكيل مهارات العمل شاركت د.رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، في قمة إعادة تشكيل مهارات العمل التي نظمها المنتدى الاقتصادي العالمي في أكتوبر ٢٠٢٠، لمناقشة التغيرات المتسارعة في سوق العمل، حيث أكدت أنه رغم تسبب الوباء في ارتفاع معدلات البطالة على مستوى العالم وفقد نحو ١٩٥ مليون شخص وظائفهم وفقًا لمنظمة العمل الدولي، فإنه مثل فرصة لإعادة صقل مهارات العاملين بشكل يعزز الاستدامة والدمج. وقالت وزيرة التعاون الدولي، إنه عقب جائحة كورونا، يجب أن يتم تشكيل اقتصاديات ومجتمعات وبيئات عمل أكثر دمجًا واستدامة، وللقيام بذلك يجب تحقيق الاستغلال الأمثل للقدرات البشرية ووضع سياسات مبتكرة، لخدمة الرؤية الكبرى «إعادة تدشين استراتيجيات البناء». وأوضحت أن التحدي الحقيقي للوباء يكمن فى فقدان أكثر من ١٩٥ مليون وظيفة على مستوى العالم ،حيث تقدر بيانات المنتدى الاقتصادى العالمى أن ٥٤% من هؤلاء الذين فقدوا وظائفهم يحتاجون لإعادة التدريب وصقل المهارات؛ لذلك فإن تعداد سكان مصر من الشباب والذي يشكل ٦٠% يمثل فرصة كبيرة يجب استغلالها . وذكرت أن مصر سبقت مصر جائحة كورونا ببدء تنفيذ برنامج تطوير قطاع التعليم بالتعاون بين وزارة التعاون الدولي ووزارة التربية والتعليم والبنك الدولي، وهو ما مكنها من المضي قدمًا بشكل سريع في هذا الأمر أثناء الجائحة، واستطاع الطلاب استكمال العام الدراسي من خلال الإنترنت؛ كما طبقت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات العديد من المبادرات المتعلقة بإعادة تأهيل الشباب وتزويدهم بالتطورات التكنولوجية. كما توفر المدن الجديدة في مصر، مثل العاصمة الإدارية الجديدة ، مساحة للشركات الأجنبية والقطاع الخاص لتوظيف الشباب. جدير بالذكر أن التقرير السنوي لوزارة التعاون الدولي 2020 «الشراكات الدولية لتحقيق التنمية المستدامة»، كشف عن نجاح الوزارة في إبرام اتفاقيات تمويل تنموي بقيمة 9.8 مليار دولار خلال العام، بواقع 6.7 مليار دولار لتمويل قطاعات الدولة التنموية، و3.1 مليار دولار لتمويل القطاع الخاص.